الأحد، 29 أبريل 2018

أنين على ضوء فانوس /بقلم أ.محمد خالد الادأمين

أنين على ضوء فانوس 
********

في ليلة بهيمة ، الطقس بارد ، والأرض مبللة ، فصل شتائي بامتياز،  لما توقف المطر، خرجتْ تائهةً تبحث عن بدرها ، تحمل فانوسا لا يتعدى نوره مربع مَمشاها ، تسلك سبيلا طويلا بين الأشجار الباسقة ، التي قطعت بصيصا من خيوط النجوم ، وحجبت من السماء بياض السحاب ، وزادها الضباب الكثيف تعتيما ...
     تنتعل الحفاء ، وقدماها لا تقدر على صدِّ الوحل العالق بين أصابعها ، وتثاقلت خطواتها ، حتى كدت تحسبها ثملة من ليلة مخمرة ، وما هو إلا سُكْر اليأسِ والألمِ ، أو كحمامة مكسورة الجناحين  تنتظر الخلاص من القدر، جسدها يرتجف من شدة القر ، وتحاول تدفئة نفسها كمدا ، بزفير الأنين المنبعث من لظى نبض قلبها ، فيبست شفتاها وتشققت دامية ...
    الدموع تنزف سديما ، والكحل يجبن على مجرى سيلها ، لا للزينة بل لطفحه من حروق البكاء ، والجفون تغرب على الوجنين ، تستر احمرار المقل ، لعلها تنذر بالتهاب وارد ، تبكي أطلالها ، وما نقشته على صفحات الأشجار ، وتتلمس مراقدها ومجالسها ، وتقتفي أثر أقدام حبيبها ، كصياد متمرس تبحث عن شفرة الرحيل المفاجئ ، لتفكَّ قنَّها ...
    لعل عاشقها رحل مع خيوط السراب ، ليعانق أنوار الخيال المنشودة ، ويراقص بؤرا ليلية على أضواء قزح اصطناعية ، أو نزح إلى مكان آمن من أنياب كلاب ضارية ، أو........
       وها هي جسد بلا روح ، بعدما حمل نعش روحها بكفنه الأسود إلى مقبرة الآهات ، على مأتم غدر ، وجفاف قلبه من نسيم الحب .  تراود الخيال  المجهول ، بتنهدات جافة ، نابعة من صدى قفصها الصدري ، رُسمت على جدار قلب منهوك...
وتدهس الليل بأحزان الخوف ، وندوب الفراق ، ولفاف أشواك الليلك التي أدمت قدميها ، وتحمل نعش حبها إلى مثواه الأخير، وهد قصور الأحلام ،  حين نسج حبيبها خيوط الرحيل على سفينة عمياء ...
***********
محمد خالد الأمين
الصورة من الويب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق