الأحد، 13 مايو 2018

جاء الجلاء /بقلم /الشاعر حسان يوسف

جاء الجلاء

جـاءَ الـجلاءُ و فاضَ النّصرُ من بردى
نـــورٌ تـجـلّـى و فـــي أجـنـابهِ اتـقـدا

ربـيـعُنا هـلَّ مـن قـلبِ الـخريفِ أتـى
لاحــتْ بـشـائرُهُ فــي الـغوطتينِ بـدا

يـعـانقُ الـمـجدَ فــي سـفـحٍ و رابـيـةٍ
تـاريـخُـنا فــي روابــي شـامِـنا وُلِــدا

تـبـرعمَ الــوردُ فـي الـوديانِ مـبتهجاً
زهـــرٌ تـفـتّحَ فــي أشـجـارِها انـعـقدا

لـحـنـاً عـلـى شُـرُفـات الــدّارِ نُـنـشدهُ
و عـنـدلُ الـنّـصر غـنّى لـحنَهُ و شَـدا

نـاعـورةٌ عـزفـتْ نـصراً عـلى خـشبٍ
صوتٌ يخلّفُ في جسرِ الفراتِ صدى

و هــلّـلَ الــرمـلُ فــي أرجــاءِ بـاديـةٍ
و قـاسـيـونُ تـبـاهى شـامـخاً سَـمَـدا

فــي مـيسلونَ يـنادي الـمجدُ قـائدَها
تـحتَ الثّرى يوسفُ الأمجاد قد رقدا

فـي حـينها جـاءَ غورو يمتطي شرراً
تـجـمّع الـشّـرُ فـي سـاحاتِها احـتشدا

جــاؤوا لـيستعمروا أرض الـشآم هـنا
ظـنّـوا سـيـبقون فــي أوطـانِـنا أبــدا

فــحــاولــوا عــبــثـاً إذلالَ شــامـتـنـا
و حـاولـوا جَـعـلَنا فــي شـامـنا قِـددا

لـكـنّهم هُـزمـوا فــي سـاحِنا سـقطوا
فـنـحنُ مــن أمّــةٍ قــد أنـجبتْ أُسُـدا

مــن أمّــةٍ لا تـخافُ الـعُتمَ فـي ظُـلَمٍ
و لا تــهـابُ صـعـابـاً .. لا تـهـابُ ردى

فـالشّعب ثـارَ و في وجهِ الطّغاةِ سَما
و لـمـلمَ الـشّـملَ فــي أطـيافِه اتـحدا

فــبـحـرُنـا آزر الأجـــبــالَ ســاعــدَهـا
و فـي الـعراكِ عـلى أحـراجِها استندا

ولّــى الـغـريبُ و تـحـتَ الـنّارِ مـهربُهُ
أبـطـالُنا حــرّرتْ مــن رجـسـهِ الـبـلدَا

رجـالُـنـا أشـعـلـتْ نـــاراً بـــلا وجـــلٍ
فـأحرقتْ فـي فـرنسا القلبَ و الكبدا

هــبّـوا بـثـورتهمُ… سـلـطانُ فـارسـها
سـلـطـانُ عِـزّتـنـا أوفـــى بـمـا وعــدا

لــم يـسـتكنْ لـصنوفِ الـقهرِ واجـهها
مــا نـامَ لـيلاً لـذاكَ الـسّيفِ مـا غـمدا

أدمـــى جـحـافـلهمْ .. بـالـنّارِ ركّـعـهمْ
أبــكـى كـتـائبهمْ أرســى بـهـا الـنـكدا

أرســـى ركــائـزَ عـــزِّ الــشّـامِ كـوّنـهـا
لـخـيمةِ الـنّـصرِ فــي سـاحـاتِنا عَـمَدا

و الـشّـيـخُ صـالـحُنا أعـيـا جـنـودهمُ
سُـكْناهُ فـي جـبلٍ فـي حـضنهِ صمدا

تـيمّمَ الـشّيخُ مـن طُـهرِ الـصّخورِ بـهِ
مـن مـوجةِ الـبحرِ في شطآننا ابتردا

كـــذا هــنـاكَ هـنـانـو مـــاتَ مـنـتشياً
ضـحّى بـروحٍ وقـد أفنى بها الجسدا

تـحررّت غـوطةُ الـفيحاءِ مـن نَـجَسٍ
و هـائـجُ الـمـوجِ عـن شـطآننا ابـتعدا

بــوابـةُ الـفـجـرِ و الـتّـاريـخِ نـفـتحها
و الـبابُ خـلفَ ظلامِ اللّيل قد وُصدا

بـنـصـرنـا بــــاتَ نـابـلـيونُ مـنـكـسراً
تــكـدّرتْ روحــهُ فــي قـبـرهِ ارتـعـدا

و الـنّـصـرُ نُـهـديـهِ لــلأرواحِ نُـكـرمُها
فـطـيـفُها كـــان فــي عِـركـاتنا مــددا

أرواحُـهـمْ مـهّدتْ دربَ الـخلاصِ لـنا
دمــاهــمُ شــعـلـةٌ لـلـعـالـمينَ هُــــدى

كـالـعطرِ تــروي تــرابَ الـشّـامِ تـثملهُ
دمـاهـمُ عـبـقٌ يـسـقي الـصباحَ نـدى

حسان يوسف ـ سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق